السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
النوم في رمضان
النَّوم نعمة من النعم التي أنعم الله - تعالى - بها على عباده، وآية من آياته الدالة على قدرته، إذ هو سبب لحصول الراحة لهم، وإذهاب التعب عنهم، قال - تعالى -: [وَمِنْ ءَايَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَيْلِ وَالنَّهار وَابْتِغَاؤكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ].
وجعل الله - تعالى -الأصل في النَّوم أنَّه بالليل، وجعل النَّار للانتشار وطلب المعاش، فقال: [وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً]، وقال: [وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً، وَجَعَلْنَا اللَيْلَ لِبَاساً، وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً].
ومع هذا إلاَّ أنَّ كثيراً من النَّاس أحال ليل رمضان نهاراً ونهاره ليلاً، فأصبح ينام النَّهار إلا قليلاً، ويسهر طوال الليل إلى الفجر، ولو قال قائلٌ: لعلهم يسهرونه في الطاعة!
لقلنا: لو كان الأمر كذلك لكان حسناً، إلا أنَّ الواقع خلاف ذلك، فالليل عند كثير منهم يُقضى في مشاهدة ما تبثه القنوات، وما تقذف به من حمم، أو في قيل وقال، أو في لعب ولهو، أو في فراغٍ لا ثمرة من ورائه،
وإذا جاء النَّهار، الذي جعله الله معاشاً، جاء وقت النَّوم عندهم، وإذا قام لصلاة الظهر أوالعصر قام إليها على
كسل وضجر، وهذه صفة شديدة خطورتها على العبد، حيث جعلها الله من صفات المنافقين.
فقال: [وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى]، وقال: [وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى]، بل بعضهم تفوته بعض الصلوات بسبب النَّوم، وبعضهم يجمع الظهر والعصر، وبعضهم يصلي الفجر بعد خروج وقتها! ثم إذا عُوتِب في ذلك، ردَّ قائلاً: النَّوم سلطان.
ولا شك أنَّ هذه الحجة داحضة، وقوله مردود، لأنَّ النَّوم الذي لا يلام بسببه العبد هو النَّوم الذي لا تفريط فيه،
أمَّا النَّوم الذي يكون سببه تُرك وقت النَّوم، وهو الليل، وإحالة النَّهار، وهو وقت المعاش، إلى وقت نوم،
هذا ليس بعذر يُترك بسببه عمود الدين، وركنه العظيم، الذي لا يقبل الله من العبد عملاً إلا به، وهو الصلاة،
التي جعل الله لها وقتاً محدوداً.
فانتبه، أخي، رعاك الله، إلى هذا الأمر، فإنَّه قلَّ من يتنبه إليه. وفقني الله وإيَّاك لذكره، وشكره، وحسن عبادته
منقول للفائده